من صور الإعجاز التربوي
النبوي ..الوصية النبويَّة
p لا ..تغضب i
بقلم الدكتور / صالح بن علي أبو عرَّاد
أُستاذ التربية الإسلامية
ومدير مركز البحوث التربوية
بكلية المعلمين في أبها
1426هـ
تعريف الغضب :
يُعرَّف الغضب بأنه " ثورانٌ في النفس
يحملها على الرغبة في البطش و الانتقام " ( 1 ) . وقد يُعرَّف
بأنه " حالةٌ نفسيةٌ انفعالية تُصيب الإنسان "( 2 ) . وقيل فيه :
" إن الغضب غريزي في الإنسان فلا يُذم و لا يمدح إلا من جهة آثاره ؛ فمن غضب
وكظم غضبه وغيظه مُدح ، ومن غضب فثار وتصرف تصرفاً شائناً نتيجة الغضب كان مذموماً
بقدر ما وقع منه من تصرف "(3).
والمعنى أن الغضب طبعٌ بشريٌ فطريٌ يؤدي
بصاحبه إلى الثوران والانفعال ، وعدم القدرة على التحكم في أقواله وأفعاله غالباً .
مضار الغضب :
للغضب كثيرٌ من المضار العظيمة التي
تمتد لتشمل جميع جوانب الحياة الفردية ، والاجتماعية
، والجسمية ، والنفسية ، والفكرية والتي تؤكد جميعها أن الغضب مفتاح الشرور لأنه
يجمع الشر كله كما أشار إلى ذلك أحد عُلماء السلف بقوله : " إن الغضب جماع
الشر ، وإن التحرُّز ( التوقي ) منه جماع الخير " ( 4 ) .
فمن مضاره الفردية أنه يُفقد الإنسان صوابه
، ويسلبه عقله ، ويدفعه إلى السب ، والشتم ، والسخرية ، والتلفظ بالألفاظ البذيئة
وغير المؤدبة التي قد تُسبب له الحسرة والندامة فيما بعد ، وقد تُسقطه من أعين
الناس ؛ إضافةً إلى ما قد يقوم به الإنسان حين غضبه من التصرفات الطائشة البعيدة
عن الحكمة ، والمُجانبة للصواب . وهو ما يُشير إليه أحد كبار الكُتاب بقوله
: " الإنسان مخلوقٌ متميز ، فيه شيء من الملائكة ، و شيءٌ من الشياطين ، و
شيءٌ من البهائم والوحوش ؛ فإذا عصف به الغضب ، أوتر أعصابه ، وألهب دمه ، وشد
عضلاته ، فلم يعد له أُمنيةً إلا أن يتمكن من خصمه فيعضه بأسنانه ، و يُنشب فيه
أظفاره ، ويُطبق على عنقه بأصابعه ، فيخنقه خنقاً ، ثم يدعسه دعساً ، غلبت عليه في
هذه الحال الصفة الوحشية ، فلم يبق بينه وبين النمر والفهد كبير فرق " ( 5 ) .